تحدّي الإهمال: وجهة نظر الضحايا بشأن الاحتلال الروسي

تحدّي الإهمال: وجهة نظر الضحايا بشأن الاحتلال الروسي

عادل بشقوي

28 سبتمبر/أيلول 2024


Meeting of Circassian princes in Sochi, 1847

ليس من المقبول ولا المعقول الاستخفاف أو افتراض جهل الآخرين لتجنب الوفاء بالواجب الأقصى المتمثل في الالتزام بالقوانين والأعراف الدوليةناهيك عن احترام القيم الدينية والإنسانية. إن المسؤولية هي التزام جماعي لا ينبغي أن يقتصر على طرف معين. إنّهُ من الضروري إنجاز وضع ما بعد الاستعمار الذي يعيد الممتلكات التاريخية المغتصبة والحقوق المشروعة.

يجب اتخاذ التدابير المناسبة لتفكيك الإرث الاستعماري وتأمين الحرية، والسماح للناس باختيار مسارهم الخاص. ويجب أن يؤدي هذا المسار في نهاية المطاف إلى تحقيق التطلعات الثقافية والاجتماعية والقومية والاقتصادية، والتي تتوج بالاستقلال الكامل. يجب أن يكون الهدف دون تردد استعادة جميع الحقوق المشروعة المتعلقة بالوطن الشركسي والحفاظ على الهوية القومية، مع كل ما يترتّب على ذلك من حيث الأصل العرقي والاعتراف بشعبها الأصلي. وهذا يشمل أيضاً الوفاء بالالتزامات باستعادة الحقوق المشروعة، واستعادة الحرية، والاعتراف بحق العودة وتقرير المصير.

ولكن في ضوء الرفض المتعنّت للاعتراف بالفظائع التي ارتكبتها الإمبراطورية الروسية والأنظمة المتعاقبة بعدها، تجد روسيا نفسها عالقة في دوامة عنف من صنعها هي، مما يدل على إحجامها عن اتخاذ إجراءات حصيفة لحل هذه المشاكل العميقة الجذور.


شركيسيا: الأولويات وجوانب التركيز

إن معالجة المسائل الأساسية للقضية الشركسية لابد وأن تكون لها الأولوية على أي اهتمامات أخرى. ولابد وأن تكون لها الأولوية على المشاريع المؤقتة أو القرارات المضللة التي قد تقوض القضية. فهذه ليست مجرد حالة من الإهمال، بل إنها تركيز غير ملائم على أمور شخصية أو أقل أهمية، والتي في نهاية المطافلا تسمن ولا تغني من جوع“.

ويكشف تحليل الموقف أن بعض الأفراد يحاولون رفع مكانتهم على حساب أقرانهم، متجاهلين أو مخربين عن عمد المصالح المشتركة للجماعة. لقد أظهر الشركس، الذين صمدوا في حرب دفاعية لمدة 101 سنة، مرونة أسطورية من خلال نموذج فريد من الزعامة الجماعية يمثله زعماء القبائل الرئيسيون. ولابد من إعادة النظر في مثل هذا النموذج للقضاء على الاتجاه الضار المتمثل في نهجالتفرد بالعملوالاستحواذ غير الصحي المتّسِم بالنّرجسية.

وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى تجنب الشّخصنة وعبادة الشخصية. إننا في حاجة ماسّة إلى إنشاء مجموعات ولجان وتحالفات تضمن التماسك والتعاون والتنسيق على أساس المبادئ التالية:

العمل الجماعي الّذي يتجنّب الإنعزال والشّخصنة.

الالتزام بالمعايير والمبادئ الأساسية.

التركيز على المصالح المشتركة.


الوئام الوطني

في هذا السياق، يجب معالجة المسائل المهمة للقضية الشركسية، بدلاً من خلق الانقسامات من خلال الشائعات الخبيثة أو الصراعات الداخلية. ويجب علينا تكريم جميع الشركس الشجعان، سواء في وطنهم في شمال القوقاز أو في الشتات، الذين يستخدمون كل الوسائل الممكنة لرفع مستوى الوعي بالقضية الشركسية.

لقد أطلق الشركس الشجعان مبادرات مستمرة لمساعدة الأمة المنكوبة والمعذبة.  ويجب أن نوجه الشكر بشكل خاص لأولئك الذين يواصلون إعلام الآخرين بنضالات الأمة، حيث دافع الشركس عن وطنهم وشعبهم لمدة 101 سنة.

ما هو الهدف من تقويض الشركس الذين يتمتعون بحرية كافية في الحركة والعمل؟ إن الجهود الدؤوبة التي بذلها الوطنيون الشركس لتأسيس الجمعية الشركسية العالميّة (ICA) — قبل أن يختطفها الخصومكانت للأسف بلا جدوى، مما ترك الكثيرين في حالة من الصّدْمة والذّهول،

لقد مهد هذا الخلل التنظيمي الطريق لظهور مؤسسات ومنظمات ذات أهداف متضاربة، مما أدّى إلى تسلل أفكار غريبة عن الأمة الشركسية. ونتيجة لذلك، أصبحت اتجاهات وجهود كل من مجتمعات الوطن والشتات مجزأة. إن الشركس الحقيقيين هم أحفاد الأجداد الشجعان الذين ضحوا بحياتهم طواعية من أجل حرية وشرف الأمة والوطن الشركسي.

إن أي انحراف عن الوئام الوطني هو خطأ فادح. وليس هناك مبررًا للسلوك الصبياني لأولئك الذين يهدفون إلى إيذاء الشركس المخلصين الذين يعملون بلا كلل أو ملل ويختارون أهدافهم على أساس المصلحة العليا للأمّة. ويبقى الباب مُشْرعًا لأي شركسي راغب في المساهمة في معالجة حقوق الشعب الشركسي المسلوبة بدلاً من نشر الشائعات.

يتمتع العديد منهم بحرية كافية للعمل في البلدان المختلفة التي يقيمون فيها. ولديهم الفرصة للتنسيق مع أنصارهم وشركائهم وأصدقائهم في جميع أنحاء العالم، واستخدام هذه الحرية للدفاع عن قضيتهم ومواجهة العقبات التي يفرضها ممثلو وعملاء التخريب الإيديولوجي.


الخلاصة

يجب على الشركس أن يعربوا عن امتنانهم لأولئك الذين هم على استعداد للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية وتداعياتهاالصدمات التي لا يزال يتردد صداها بعد أكثر من 160 عامًا من نهاية الحرب الروسيةالشركسية.

وكما قال نجيب محفوظ ذات مرة،أُترك مُر أفعالِهِم للزّمن، فكُلُّ ساقٍ سيُسْقى بِما سقى“.

Share Button