التناقضات بين الأهداف والأفعال في القضية الشركسية

التناقضات بين الأهداف والأفعال في القضية الشركسية

عادل بشقوي

21 سبتمر/أيلول 2024


https://www.cartoonmovement.com/cartoon/circassian-genocide-1

لقد وصل الوضع الشركسي العام، الذي يشمل الوطن والشتات، إلى حالة غير مرغوب فيها. فهو يتميز بالانقسام بين أولئك الذين يدعمون الأجندة القومية الشركسية وأولئك الذين يروجون للسياسة الاستعمارية الروسية، مع تذبذب آخرين بين هذا وذاك.

الترابط الجيني والتفاعل الثقافي

إن الشركس مترابطون وراثيًا وثقافيًا، ومتّحدون في صمودهم والتزامهم بأهدافهم. وينبغي لهم إعطاء الأولوية لاحتياجاتهم الجماعية على الخيارات الشّخصِيّة، لأن المشكلة غالبًا ما تلِدُ أخرى. إن الاستكشاف العميق للصراعات الداخلية داخل المجتمع الناشط أمر ضروري لمعالجة القضايا المتعلقة بالحقوق القانونية والعدالة والتاريخ والمحافظة على الثقافة.

في حين أنه من المثالي تحقيق الأهداف دون بذل جهد كبير، إلا أن مجرد الرغبات لا تكفي. إن البحث المناسب أمر بالغ الأهمية لتحديد الوسائل المناسبة لتحقيق هذه الأهداف. فمن الناحية الواقعية، يتضمن ذلك بذل الجهد ومواجهة الصعوبات التي لا مناص منها والتنقل عبر التحديات الحاسمة، والتي لا يمكن تجاهلها.

إن الأهداف المختلفة تؤدي بطبيعة الحال إلى مسارات مختلفة، ولكل منها إيجابياتها وسلبياتها. ويعمل بعض الأفراد ضد تيار الأغلبية، حيث غالباً ما يتسمون بالنرجسية والمصلحة الذاتية. ويشكل هؤلاء الأشخاص تحالفات لا تفيد الجهود الجماعية الرامية إلى المحافظة على الوطن.


https://www.cartoonmovement.com/cartoon/circassian-genocide-1

الاستقطاب

إن فهم الوضع الحالي يتطلب التمييز بين الاتجاهات المتعارضة وغير المتجانسة، بما في ذلك الاستقطاب. فتصبح الأصوات المعتدلة مهمشة، مما يضعف الجهود الجماعية ويؤدّي إلى التضليل السياسي: فهو ”محاولة السيطرة على التواصل أو التأثير عليه لإيصال رسالة الفرد المفضلة“. [1]

في حين أن اختلافات الرأي يمكن أن تكون صحية وبناءة، إلّا أنّ الاستقطاب مختلف. فهو ينشأ عندما يرفض الأفراد التعايش مع أولئك الذين لا يشاركونهم معتقداتهم، سواء كانت دينية أو اجتماعية أو سياسية أو عرقية أو اقتصادية أو تتعلق بالأجيال. ويعزز الاستقطاب عقلية قبلية تنظر إلى التفاوض والإجماع والتسوية باعتبارها خيانة. غير أنّالاستقطاب ظاهرة مقلقة ينبغي لنا أن نوليها أقصى قدر من الاهتمام، وقد عكست العلوم السياسية المقارنة هذه المخاوف“. [2]


https://www.cartoonmovement.com/cartoon/circassian-genocide-1

تشخيص الموقف

ليس من العار أن يكون المرء هاوياً في النضال المتعلق بقضية نبيلة سعيًا إلى استعادة الحقوق المشروعة. فالناشطون عادة ما يكتسبون الخبرة بمرور الوقت، على الرغم من افتقارهم في البداية إلى المعرفة في التعبئة الاجتماعية والسياسية. وفي معظم الحالات، تكون الخبرة السابقة نادرة، وغالبًا ما تكون إدارة الموارد تحديًا.

لا توجد آلية ثابتة للمبادئ أو القواعد للعمل الجماعي، مما يؤدي إلى التبسيط المفرط والتلاعب من قبل أولئك الذين يُقَسِّمون المجتمعات عن علم أو عن جهل. ويعكس هذا السلوك أساليب أجنبية، مثل سياسةفرّق تسُد، التي تعمل على تخريب العمل الجماعي الفعال والتقويض من المنافسة العادلة.

يتصرف بعض الأفراد والجماعات كما لو كانوا أكثر ذكاءً أو أكثر تأهيلاً من غيرهم في الأمور المتعلقة بالقضية الشركسية. ومع ذلك، لا أحد لديه احتكار المهارات أو المعرفة اللازمة لهذا العمل. فالإتحاد قوة، بينما يؤدي الانقسام إلى الضعف والفشل. وتسمح المنافسة العادلة للناشطين المخلصين بالعمل نحو نفس الأهداف، حتى لو اتّبعوا أساليب مختلفة.

في ضوء هذه الظروف المحبطة، غالبًا ما يواجه المرء مواقف هزلية حيث يتظاهر البعض بالجهل أو يتجاهلون عمدًا القضايا الحاسمة. إن هذه الأفعال هي جزء من الرحلة الطويلة الشاقة التي خاضتها أمة عانت من النزوح والتحديات العديدة.

من الأهمية بمكان أن نبقى متحدين ونتجنب الانقسام، سواء تحت قيادة جماعية أو من خلال مبادرات فردية. إن مراجعة وثائق الآخرين سراً دون إذن منهم، هو أمر يدخل في نطاق الخداع، ويعكس سلوكاً مكتسباً من البيئة المحيطة. وكثيراً ما تكشف المظالم التاريخية عن تناقضات بين أهداف الشعب الشركسي وأفعاله.

إن الشركس، ومعظم شعوب القوقاز، لا يقودهم أشخاص مصابون بجنون العظمة. فَلَم يُمارسوا مثل هذه الأساليب البائسة في وطنهم. بل إنهم يُثمِّنون الآراء المتنوعة والقيادة الجماعية، مدركين أنفي اتّحادنا قُوةً لنا  الذي يؤدّي بدوره إلى نتائج أفضل. ينبغي أن يتّصِف القادة بِحُسْن النّيّة، ويحظون بالإحترام، وأصِحّاء، وذوي خبرة، وأن يشاركوا في الحوارات التي تهم الناس لاتخاذ القرارات الحاسمة.


https://www.cartoonmovement.com/cartoon/circassian-genocide-1

أهمية الاعتراف

كان أحد المطالب الأساسية للشركس، ولا يزال، الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية من قبل الدولة الروسية ودول أخرى. وتهدف هذه الأنشطة إلى زيادة الوعي بالجرائم الموثّقة التي ارتكبتها الإمبراطورية الروسية منذ القرن التاسع عشر وحتى الوقت الحاضر. ومن شأن هذا الاعتراف أن يمهد الطريق لاستعادة الحقوق الشركسية المشروعة، بما في ذلك الاعتذار من قبل روسيا، والتعويض، وحق العودة تحت الحماية الدولية، والحق في تقرير المصير المؤدي إلى الاستقلال.

الخاتمة

إن التحديات التي تواجه المجتمعات الشركسية تتطلب توحيد جهودها وتنسيقها كأولوية. والعمل الجماعي المنسق أمر ضروري. ومع ذلك، فإن التناقضات في النهج تسلط الضوء على التعقيدات والصعوبات في النهوض بالقضية الشركسية. فمن الأهمية بمكان تحقيق التوازن بين الحفاظ على الثقافة والنشاط الاجتماعي والسياسي، ومواءمة جهود المجموعات المتنوعة لتظل مهمة بالغة للنشاط الشركسي.


***********************

المراجع:

[1] https://www.britannica.com/topic/political-spin

[2] https://academic.oup.com/psq/article/138/3/335/7192890

Share Button