إحياء ذكرى مجرم هو أحد رموز الإبادة الجماعية الشركسية

إحياء ذكرى مجرم هو أحد رموز الإبادة الجماعية الشركسية

عادل بشقوي

18 يوليو/تموز 2024

مقدمة

من المجدي في هذا العرض،الاشارة الى بعض أمثلة العداء الدموي الذي مارسته الدولة الروسية بشكل مستمر ضد الأمة الشركسية ولا تزال منذ اغتصاب وطنها في القرن التاسع عشر. وضمن هذا المفهوم، تم إخضاع الوطن الشركسي للإحتلال والإستحواذ والهيمنة والغطرسة الاستعمارية أرضا وشعبا ومواردا وثروات. وظهرت الاطماع والطموحات الاستعمارية تجاه أولئك الذين تعرض وطنهم للغزو والاحتلال، وتم إخضاعهم بقوة السلاح إلى كيان استعماري عنصري بغيض، وذلك بعد جرائم ابادة جماعية أجهزت على نصف تعداد الأمة الشركسية، وتهجير قسري لما مجموعه 90٪ من النصف الباقي إلى الدولة العثمانية.

وبذلك تم تفكيك القدرة القومية الشركسية بشريا وجغرافيا واجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديا وفقا لخطط عنصرية مقيتة. ولضيق المجال هنا، لن يتم ذكر كل الانتهاكات والتجاوزات الاستعمارية في هذه الجزئيّة، إلا أنّ المذكور تاليًا سيعكس مثالًا واضحا على نوعية التصرفات والأعمال السلبية والإجرامية المرتكبة في شركيسيا وشمال القفقاس. وفي موضوع ذو صلة هناك مرتزقة ومستوطنون ودخلاء تم جلبهم إلى أرض ليست أرضهم ولا هي موطنهم الأصلي في شمال غرب القفقاس.

دور الجنرال زاس

Zass, Grigory Khistoforovich von Zassz (1797-1883) was Russian general of cavalry, participated in Caucasian war. Founder of city Armavir.

لذلك أراد بعض السُّذّج على جهلهم وضلالهم، وبعد أكثر من قرن ونصف، تخليد ذكرى المجرم الشهير (الجنرال زاس) الذي ارتكب جرائم وفظائع لا حصر لها. علما بأن تكريمه وتخليد ذكراه الشيطانية والتي جرت في اكثر من مكان في شمال القفقاس من قبل العنصريين والمتطرّفين، وذلك عبر اقامة نصب تذكارية تمجد الفظائع الروسية التي ارتكبها قادة الغزاة والمحتلون عند استعراض عضلاتهم الاستعمارية في القرن التاسع عشر، من خلال الاستفراد بأمة صغيره قابعة على شواطئ البحر الأسود.

من المهم أن تُلْقى هنا نظرة خاطفة على خلفية الجنرال زاس، سيئ السمعة و ذو النّزعة الحيوانيّة، يتبين أنغريغوري خريستوفوروفيتش فون زاس (1797–1883) كان جنرالًا في الإمبراطورية الرّوسيّة، وقاد قوات الفرسان خلال الحروب النابليونية والحرب الروسيةالشركسية. كان قد نال في البداية شهرة بسبب أعماله في الإبادة الجماعية ضد الشراكسة الذين كان يعتبرهم {عرقاً وضيعًا} … وأسّس زاس مدينة أرمافير (Armavir)“ . [1] الواقعة في مقاطعة كراسنودار التي وجدت على أراضي شركيسيا. ولن تنسى الحضارة الإنسانية أبداً الجرائم المشينة التي ارتكبها هو وعصاباته ومرتزقته. “ومع ذلك، فإن إرثه المثير للجدل يظل مرتبطًا بسياساته الوحشية خلال الإبادة الجماعية الشركسية“. [2]

كان ذلك لإحياء ذكرى المجرم، أحد رموز الإبادة الجماعية والخيانة المرتكبة ضد الأمة الشركسية. إنّهُ لم يأتِ مع قوات الإمبراطورية الروسية الغازية إلى أرض بلا شعب، بل جاءت قواتهم العدوانية المدججة بالسلاح إلى الوطن الشركسي وارتكبت جرائم القتل والتدمير والاحتلال والإبادة والتهجير.

كان الجنرال السفاح الشهير، الألماني الأصل غريغوري زاس سبّاقًا في ارتكاب أسلوب همجي في إبادة القرن التاسع عشر. زاس سبق، بل وتفوّق على «داعش» في قطع رؤوس الأبرياء. ومع ذلك، فقد ابتكر طريقة وحشية أخرى، تتمثل في وضع رؤوس الضحايا الشركس المقطوعة الرأس على رؤوس الحراب وزرعها على قمم الجبال لزرع الرعب والذعر.

خلال الحرب الروسية الشركسية، تم تسجيل الجرائم الروسية من قبل أطراف متعددة. ”في عام 1837، تم إرسال الثوري الديسمبري السابق نيكولاي لوريرإلى شركيسيا، وهي دولة صغيرة مستقلة في الشمال، على شاطئ البحر الأسود. وفي أحد الأيام، تم استدعاء لورير لمقابلة القائد الإقليمي الجنرال غريغوري زاس. يتذكر أنه {بعد دخول مكتب الجنرال}، {أصابتني رائحة كريهة لا تطاقأنهى زاس، وهو يضحك، حيرتنا بإخبارنا أن رجاله بلا شك وضعوا صندوقًا به رؤوسًا تحت سريرهوسحبه. وأظهر لنا صندوقًا ضخمًا به عدة رؤوس تحدق بنا بعيون زجاجية فظيعة. سألت: ’لماذا هم هنا؟أجاب: ’أنا أقوم بغليها وتنظيفها ثم إرسالها إلى مكاتب التشريح المختلفة وأصدقائي الأكاديميين في برلين’}“. [3]

وفي تطور غير مفاجئ،في عام 2003، افتتحت السلطات نصبًا تذكاريًا للجنرال الروسي سيئ السمعة غريغوري زاس، المعروف باسم {جامع الجماجم الشركسية}. [4]

هناك رجل أعمال يحظى بالمباركة الروسية، يبدو أنه كان قد تم استقدامه في الماضي إلى شمال غرب القوقاز من الخارج، قد نجح في أن يحظى بتقدير السلطات الروسية المحلية. فقد قام بمبادرة غير أخلاقية، والتي حظيت بالموافقة عليها دون تردد من قبل الجهات الروسية المختصة، وذلك بتأسيس شركة تجارية يهدف اسمها إلى الإضرار بالآخرين. وتأسّست في مدينة أرمافير، في مقاطعة كراسنودار الحالية، والتي تقع في الوطن الشركسي نفسه. مع العلم أنه إذا أثر الأمر على السياسة الروسية من قريب أو بعيد، فإن المؤسس سيكون في موقف لا يحسد عليه، إذ قد يقوده عمله إلى السجن ومشروعه إلى الإغلاق. ألا يعتبر هذا ازدراءً لأصحاب الأرض الأصليين؟ فهو سلوك قد يؤثر على السلم المجتمعي والاحترام المتبادل بين فئات مختلفة من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم رعايا لهذا النظام غير المسؤول.

Abkhaz World

إن استعمال إسم أحد قادة وجنرالات الإمبراطورية الرّوسية،المعروف بمذابحه المروعة ضد الشركس بين عامي 1834 و1842، أثارت غضبا كبيرا في أوساط المجتمع الشركسي. فالعلامة التجارية المسجلة (بالرّوسيّة) تحت اسم {جنرال زاس} هي نتاج شركة (YUGPRODSERVICE)، وهي شركة تعمل من مدينة أرمافير ولها أنشطة تجارية في جميع أنحاء جمهوريات شمال القوقاز“. [5]

فقد ابتدع غريغوري زاس واستنبط بشكل غير مسبوق طريقة غير انسانية، بل همجية تتمثل في وضع رؤوس الضحايا الشركس على أسنّة الرماح وزرعها على قمم الجبال لإرهاب من يراها. مع العلم أن السلطات الروسية لا تزال تقيم النصب التذكارية لإحياء ذكرى الجرائم التي ارتكبها هذا الخبيث الذي عمل لصالح الإمبراطورية الروسية للسيطرة على شمال القوقاز.

الجنرال زاس، سيء السمعة، هو مجرم ذو روح شريرة، ارتكب جرائم لا حصر لها خلال الحرب الروسية الشركسية. مجرم الحرب والقاتل هذا ارتكب جرائم لا تعد ولا تحصى. وكان أحد ركائز تنفيذ القتل الجماعي لمجموعة عرقية في الوطن الشركسي ذاته. ولذلك، لا بد من سد الثغرات لدى الرأي العام.

الجهل لا يؤدي إلى أي نتيجة إيجابية. وبالتالي لا فائدة من الصمت، إذ لا يمكن لأحد أن يسمع من صامت. فهذا سيكون العمى المُتعمّد. ”ومن المؤكد، على أية حال، أن الجهل، المتحالف مع السلطة، هو أشرس عدو يمكن أن تواجهه العدالة“. — جيمس بالدوين [6]

المراجع:

[1] https://en.wikipedia.org/wiki/Grigory_Zass

[2] https://en.wikipedia.org/wiki/Circassian_genocide

[3] https://aspectsofhistory.com/19th-century-russian-war-crimes/

[4] https://jamestown.org/program/new-monuments-russian-heroes-russian-circassian-war-anger-circassians/

[5] https://abkhazworld.com/aw/caucasus/2457-beverage-brand-general-zass-sparks-outrage-in-circassian-community

[6] https://www.goodreads.com/quotes/98507-it-is-certain-in-any-case-that-ignorance-allied-with#:~:text=%E2%80%9CIt%20is%20certain%2C%20in%20any%20case%2C%20that%20ignorance%2C,ferocious%20enemy%20justice%20can%20have.%E2%80%9D%20%E2%80%95%20James%20Baldwin

Share Button